الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث رجل أعمال تونسي يروي مأساته: أنفق أكثر من مليار للاستثمار.. فافتكوا مصنعه وسجنوه

نشر في  01 جويلية 2015  (11:23)

في الوقت الذي تنادي فيه عديد الأطراف بتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في الجهات الداخلية وخاصة في المناطق المهمشة، تقف أطراف أخرى وتحول دون ذلك، ولعل أكبر دليل على ذلك قصة رجل الأعمال توفيق الشيحي، الذي قرر الاستثمار في معتمدية بوسالم، خاصة أنه ابن المنطقة لكن مشروعه ظلّ معطلا منذ 1998..
وتفيد تفاصيل القصة حسب ما رواها على مسامعنا توفيق الشيحي أنه قرر بعد سنوات من الغربة في ألمانيا بعث مشروع متمثل في مصنع لرسكلة الملابس القديمة «فريب» ببوسالم وانطلق في تنفيذ فكرته حيث أجرى عديد الاتصالات من اجل اقتناء ارض كائنة بمنطقة بوعوان والمعروفة بالمنجم «المينا»، ومن هنا انطلقت مشاكله حيث تبين أن قطعة الأرض غير مسجلة وبعد مساعي حثيثة تمكن توفيق من نقل قطعة الأرض التي تقدر مساحتها الجملية ب 155،05 م م من أملاك الدولة الى المجلس الجهوي لولاية جندوبة وتم تحديد قيمتها من قبل وزارة أملاك الدولة حيث بلغت 106،500 ألف دينار، وبعد تسوية أمر الارض تمكن محدثنا من التعاقد مع المجلس الجهوي لولاية جندوبة وتم ابرام وعد بيع، حيث رفض المجلس تمكينه من عقد بيع ومكنه من رخصة انتقال الأرض من ملك عمومي الى ملك خاص، وفي سنة 2000 تحصل توفيق الشيحي على رخصة البناء، وشيّد المباني اللازمة لتركيز الوحدة الصناعية كما تولى اقتناء الآلات والمعدات بتكلفة قدرت بمليار و200 الف دينار، وقد انتهت عملية البناء والاعداد سنة 2002، وفي جويلية 2003 تحصل على عقد بيع بالمراضاة من قبل والي جندوبة آنذاك، وفي سنة 2004 طالبوه بتسديد ثمن الأرض، حيث أفادنا توفيق الشيحي أنه سدد في أكتوبر 2004 مبلغا قيمته 15 ألف دينار وفي نوفمبر 20 الف دينار وسلم خلال شهر جانفي 2005 مبلغا قيمته 35 الف دينار، كما مدنا محدثنا بالوصولات التي تثبت صحة كلامه، مبينا أنه سدد قرابة 70 ألف دينار من ثمن الأرض المقدر سعرها كما أشرنا سابقا بـ106،500 ألف دينار.

هكذا افتكوا مصنعه

واضاف محدثنا ليقول انه فوجئ في مرحلة متقدمة بوالي جندوبة يخيره بين تسديد بقية المبلغ والمقدر ب36،5 الف دينار أو استرجاع الأرض، مضيفا أنه اضطر في تلك الفترة الى السفر الى ألمانيا وبعودته في جوان 2005 فوجئ باصدار حكم يقضي بفسخ عقد بيع الأرض لعدم الخلاص، وأكد انه لم يستلم أي استدعاء قضائي للغرض، وبالتالي فوّت عليه فرصة استئناف الحكم ليصبح الحكم باتا، رغم أن العمال والمقدر عددهم ب350 عاملا انطلقوا في العمل، ورغم كونه انفق على المصنع عشرات أضعاف سعر الأرض، وأكد محدثنا أنه تم في سنة 2005 افتكاك الارض والمصنع منه ومن بين الذين سعوا الى افتكاك مصنعه ذكر محدثنا صهر المخلوع بلحسن الطرابلسي، وأشار محدثنا الى أن المجلس الجهوي لولاية جندوبة لم يكتف في ذلك الوقت بفسخ العقد رغم خلاص كامل ثمن البيع، بل تولى مطالبته بغرامة مالية وتحميله كل المصاريف القانونية كما كان مهددا بعقوبة سالبة للحرية تصل الى 45 سنة سجنا، مما اضطره الى مغادرة أرض الوطن وبعودته سنة 2012 استرجع شركته وأعاد ترميم المصنع الذي تم حرقه ابان الثورة وأنفق على عملية الترميم قرابة ال280 ألف دينار .

أراد الاستثمار فوجد السجن أمامه

قصة السيد توفيق الشيحي لم تنته عند هذا الحدّ، حيث ستتواصل معاناته وفق ما رواه لأخبار الجمهورية، فبعد كل الجهد المادي والمعنوي فوجئ بحرق مصنعه من جديد أواخر سنة 2012، مضيفا أن عناصر الجيش حاولوا التدخل لكن والي جندوبة رفض ذلك، وأكد محدثنا أن الخسائر قدرت ب500 ألف دينار وهو ما تثبته المعاينة التي قان بها وكيل الجمهورية، مبينا انه ورغم المعاينة لم يتحصل على أي تعويض، ليظل الأمر على ماهو عليه الى غاية 29 جانفي 2015 ، حيث اراد توفيق الشيحي استئناف حلمه واعادة ترميم المصنع من جديد حيث راسل والي جندوبة وطالبه بتمكينه من ترخيص يمكنه من ترميم وادخال بعض التحسينات على مصنعه الذي تعرض للحرق وجاء في نص المطلب الذي مكننا من نسخة منه انه مستعد لجميع الشروط المطلوبة مع التزامه بتشغيل عدد لا يقل عن 120 عاملا بهذه المؤسسة.
وفي انتظار رد الوالي سافر توفيق الشيحي الى ألمانيا، وبعودته يوم16 جوان الفارط فوجئ بصدور برقية جلب ضدّه بناء على قضية قدمها ضده والي جندوبة بتهمة الشغب، مضيفا أن النيابة العمومية أصدرت ضده بطاقة ايداع بالسجن وحكم عليه بالسجن مدة شهرين، وبعد الاستئناف حكم عليه بشهرين سجنا مع ايقاف التنفيذ ليغادر السجن يوم 24 جوان الفارط، مؤكدا أنه وقع التنبيه عليه بعدم اثارة موضوع المصنع مجددا والعودة الى ألمانيا .

من يعيد الحق الى أصحابه؟

واكد توفيق الشيحي انه بعد ما تعرض اليه من مظالم قبل وبعد الثورة متمسك باسترجاع حقه، خاصة أن هدفه كان خدمة بلاده وخاصة منطقة بوسالم وجندوبة..
ختاما لا بد من الاشارة الى أن توفيق الشيحي تسوغ كذلك مصنعا بولاية جندوبة بمبلغ قيمته 70 ألف دينار، لكن المجلس الجهوي للولاية رفض تمكينه من شهادة وقاية وهو ما حال دون بعث المشروع، مع العلم أن توفيق الشيحي مكّن مستشفى بوسالم في 1997 من سيارة اسعاف كما مكّن الحماية المدنية لجندوبة من سيارة اسعاف كذلك، ووفر للولاية قرابة 350 كرسيا متحركا لأصحاب الحاجيات الخصوصية، ورغم ما بذله من مجهودات قصد مساعدة جهته الا أنه لم يلق سوى نكران الجميل .. فهل تتدخل الجهات الرسمية لإعادة الحق لأصحابه وانصاف رجل أعمال تونسي ذنبه الوحيد أنه أراد الاستثمار في بلاده؟

سناء الماجري